روي أن زياداً مر وهو والي البصرة بأبي العريان العدوي وكان شیخاً مكفوفا، ذا لسن وعارضة شديدة. فقال أبو العريان: ما هذه الجلبة؟
قالوا: زیاد بن أبي سفيان.
قال: والله ما ترك أبو سفيان إلا يزيد ومعاوية وعتبة وعنبسة وحنظلة ومحمداً، فمن أين جاء زیاد؟! فبلغ الكلام زیاد.
وقال له قائل: لو سددت عنك فم هذا الكلب ، فأرسل اليه بمائتي دينار.
فقال له رسول زیاد: إن ابن عمك زياداً الأمير قد أرسل إليك مائتي دينار لتنفقها.
فقال: وصلته رحم! إي والله ابن عمي حقا.
ثم مر به زیاد من الغد في موكبه، فوقف عليه فسلم، وبکی أبو العريان، فقيل له: ما يبكيك؟
قال: عرفت صوت أبي سفيان في صوت زیاد، فبلغ ذلك معاوية، فكتب إلى أبي العريان.
ما ألبثتك الدنانير التي بُعثت أن لونتك أبا العريان ألوانا
أمسى إليك زياد في أرومته نكراً فأصبح ما أنكرت عرفانا
لله درُ زیاد لو تعجلها كانت له دون ما يخشاه قربانا
فلما قُرئ کتاب معاوية على ابي العريان قال: اكتب جوابه ياغلام.
أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها قد كنت یابن أبي سفيان تنسانا
أما زیادٌ فقد صحت مناسبه عندي فلا أبتغي في الحق بهتانا
من يُسدِ خيراً يُصبه حين يفعله أو يُسدِ شراً يصبه حيثما كانا
منقول