بعيني رأيت ذئباً يحلب نملة ويشرب منها رائق اللبنِ
بيت شعر غريب نوعا ما، وهذه قصته.
يقول المتنبي :
كنت في احد أسواق الكوفة واقفا قرب امرأة فقيرة تبيع السمك. فجاء رجل غني جدا انا اعرفه ويرتدي ملابس غالية الثمن تدل سيماه على الغنى الفاحش.
قال للمرأة : بكم رطل السمك؟
فقالت له : بخمسة دراهم يا سيدى.
قال لها بتكبر : بل بدرهم للرطل الواحد.
فقالت له باستعطاف : أنا امرأة فقيرة. والسمك ليس لي بل لرجل أبيعه له فيعطيني ما قسم الله لي.
فقال الرجل الغني باستعلاء : بل بدرهم ليس أكثر.
فقالت المرأة بقلة حيلة : بل بخمسة دراهم.
فقال الرجل الغني وهو يشير باستخفاف : أوزني لي عشرة أرطال.
فأعدت له المسكينة عشرة أرطال من السمك على أمل أن تحظى بالثمن كاملا ، فأخذهم الرجل منها بقسوة ورمى عليها عشرة دراهم وذهب. فنزلت دموع المسكينة و أخذت تنادى عليه فلم يجب.
يقول المتنبي : فناديت عليه بنفسي فلم يجب، لقد كان ذئباً في غناه وبخله ولؤمه، وكانت نملة في ضعفها وفقرها.
و أنشد يقول :
بعيني رأيت ذئباً يحلب نملة ويشرب منها رائق اللبن