إسحاق بن إبراهيم بن ميمون التميمي الموصلي، من أشهر ندماء الخلفاء، تفرد بصناعة الغناء، وكان عالماً باللغة والموسيقى والتاريخ وعلوم الدين وعلم الكلام، راوياً للشعر حافظاً للأخبار وشاعراً وهذا جزء من جميل شعره.
ومكحولةِ العَينَينِ من غيرِ ما كُحلِ مُهَفهفَةِ الكَشحَينِ ذات شَوًى خدلِ
مُنَعَّمةٍ الأطرافِ مُفعَمةِ البُرى روادِفُها تَحكِي الدِّهاسَ من الرَّملِ
يبقى الثَّناءُ وتَذهبُ الأموالُ ولكلِّ دهرٍ دولةٌ ورجالُ
ما نالَ مَحمَدَةَ الرجالِ وشُكرَهُم إلا الجَوادُ بمالِهِ المِفضالُ
لا تَرضَ عن رجلٍ حلاوةُ قولِهِ حتى يصدقَ ما يقولُ فعالُ
فإذا وزنتَ مقالَهُ بفعاله فتوازنا فأخوك ذاك جمالُ
شكوتُ ما بي إلى هند فما اكترثت يا قلَبها أحديدٌ أنتَ أمَ حجرُ
إذا مرضنا أتيناكُم نعودُكُمُ وتُذنبونَ فنأتيكم ونعتذرُ
ضنَّت سُعادُ غداةَ البين بالزاد وأخلفَتكَ فما تُوفي بميعاد
ما أنسى لا أنسَ شيئاً إذ تودِّعُنا والحزنُ منها وإن لم تُبدِهِ بادي
سَلامٌ على القَبرِ الذي لا يُجيبُنا ونحنُ نُحيِّي تُربَه ونخاطبه
ستَبكيه أشرافُ المُلوك إذا رأوا مَحَلَّ التَّصابي قد خلا منه جانِبُه
الكأسُ بعدَ الكأس قَد تُصبِي لكَ الرجلَ الحَليما
وتزيّنُ الرأيَ السَّفِيهَ وتبسِطُ الوجهَ الشتِيما
علَّمني جودُكَ السَّماحُ فما أبقيتَ شيئاً لَديَّ من صِلتِك
لم أبقِ شَيئا إلا سَمحتُ بهِ كأنَّ لي قدرةً كمَقدِرَتِك
تُتلِفُ اليوم بالهباتِ وفى الساعةِ ما تجتنيه فى سَنتك
فلستُ أدري من أين تُنفق لولا أنّ ربِّي يُجزي على صِلتك