كتبت إحدى الأخوات:
«يوم كنت لا أدرك شيئا من الحياة غير حياة اللهو والبعد عن تعاليم الدين الإسلامي، يومها كانت الرياح تعصف بي وتقتلع جذور الطمأنينة والهناء من أعماق نفسي، وكانت الأمواج تتصارع على روحي وتطرحني يمينا وشمالا، ساعة سماعي لأغنية ماجنة، وكذا الحال ساعة أقلب صفحات کتاب لا يمت إلى الإسلام بصلة أو أقرأ في مجلات خليعة لشياطين الإنس يد فيها.
لقد كان ذلك لا يزيد حياتي إلا فراغاً ومللاً أكثر، مع أنني كنت أظن أن السعادة في اتباع الهوى.. حتى كاد القلق والضيق يقتل نفسي، والوحدة تكاد تخنقني رغم كثرة الصحاب.
فأخذت أبحث عن الدواء، أبحث عن بديل لتلك الحياة التي لم أرتضها لنفسي وبدأت أقلب صفحات تلك الأيام التي تمر مر السحاب، وبينما أنا كذلك والأفكار تتزاحم في خاطري تذكرت شيئا غاب عني منذ زمن.
فانطلقت بسرعة إليه وحملته بين يدي، أتعرفون ما هو؟
إنه القرآن العظيم لقد ضممته إلى صدري في حنان وشوق يغمران نفسي. ضممته بقوة وكأني أريد أن أمزجه بقلبي وبريق الدمع يغمر عيني، ومع كتاب الله رأت عيناي النور، وأدركت عندها أن لا حياة بغير الالتزام بالإسلام وأن مصدر سعادة الإنسان هو الإيمان بالله.
تأثير آيات القرآن:
قال أحد الصالحين: «كأن على قلبي قفلاً، كنت قابعاً وراءه، ساهياً عن المعاني الروحية، مقبلا على الحياة اليومية في همومها الصغيرة التي لا تتعدى حاجات الكائن العضوية، من مأكل وملبس ومنام.
كنت منسجماً مع هذا الأفق الضيق، سادراً فيه؛ لأني لم أكن متفطن إلى وجود غيره أعلى منه وأحب وأقرب إلى إنسانية الإنسان. بيد أن لقاء واحداً برجل متأله قد قلب حالتي ظهراً لبطن، وغدوت أرى الحياة بمنظار آخر هو وحده الجدير أن يقيم الإنسان فيه. كان يتحدث وأنا أستمع مع الحاضرين. ولكن حديثه -بالقياس إلي- كان له فعل الإيقاظ المفاجئ من نوم عميق.
ابتدأ حديثه بهذه العبارات:
إلى متى يا عزيزي وأنت في غفلة معرض؟! افتح إذن قلبك تستمع إلى ما يقوله الله ربك.
كيف تغير حياتك
السيد حسين نجيب محمد
دار العلوم

