جاء في الحديث الصحيح: أن أقوام يأتون يوم القيامة بأعمال کجبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورة.
ثم يعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
أما إنهم أخوانكم ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.
فهؤلاء الأقوام الذين يأتون بهذه الأطنان والجبال من الأعمال الصالحة، كلها تنسف، ولا تساوي شيئا في ميزان الله تعالى.
والسبب كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.
أي أنه إذا غابوا عن أنظار الناس وأصبحوا بعيدا عن رقابتهم وقعوا فيما حرم الله تعالى.
وهو لون من ألوان النفاق يبغضه الرب سبحانه وتعالى، ويعاقب عليه بهذه العقوبة العظيمة.
إن مما يؤسف له أن بعض الذين سلكوا طريق الدين ، وبدت مظاهر الالتزام على وجوههم وملبسهم وكلماتهم ، ومعاملتهم ، لم يكملوا هذه الصورة الجميلة.
واكتفوا بإظهار هذه السلوكيات خارج المنزل ، فإذا ما دخلوا منازلهم واختلوا بزوجاتهم وإخوانهم ووالديهم ذاقوا منهم أسوأ الأخلاق.
واكتووا بنار ظلمهم أما بسبب الفهم الخاطئ للدين والسلوك الذي يدعون إليه ، وأما أنهم يعانون من شعبة من شعب النفاق.
أو إنهم يتعرضون لمرض نفسي يسمى «انفصام الشخصية» ذلك لأن هذا الدين يدعو للالتزام خارج المنزل وداخله.
والأصل فيه المعاملة الطيبة مع الناس جميعا حتى إن كانوا على غير ملتنا ما داموا لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا.
يقول تعالى:
«لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»
هذا التناقض في الالتزام، والانتقائية في الأخلاق سبب من الأسباب الرئيسية التي تجعل بعض الناس ينفرون من المتدينين ويبغضونهم «بتعمیم ظالم».
لأنهم صادفوا نوعية من المتدينين عندهم هذا التناقض في الالتزام.
يقول الإمام ابن القيم
«الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء ظاهره خيرا من باطنه»
هذا هو الإخلاص الذي يريده الله.
وليس هو لحية وحجابا أمام الناس وإذا خلا إلى نفسه انتهك ما يدعو إليه الإسلام.
رسائل سريعة إلى الشباب
عبدالحميد جاسم البلالي
جمعية الإصلاح الاجتماعي