شيوعي من البصرة حول: عدل الله تعالی
جاءني شیوعی متعصب من البصرة – كما عرف بنفسه.
وقال : انه من أنصار السلام ، وأنه منذ عهد نوري السعيد شيوعي آمن بالشيوعية ، (ودخل سجن نقرة السلمان وقلعت أظافره في عهد المجرم سعيد القزاز) على حد تعبيره.
وحيث أنه سمع أني ضد الشيوعيين جاءني ناصحا ، والا فعاقبتي سيئة.
قلت: ومن قال أنى أعمل ضد الشيوعيين؟
قال: كل الناس. قلت: وهل سمعت عن زملائك لماذا أعمل ضد الشيوعيين؟ قال: نعم تحركك (النقطة الرابعة، هي جمعية تمويل أمريكي).
قلت: بماذا تحركني؟ قال: بالمال. قلت: فأين المال الذي أعطتني (النقطة الرابعة)؟
قال: تخبئه. قلت: أين؟ قال: لا أعلم. قلت: وأنت أيضا تعمل ضد العلماء، لأنك تحركك الروبل.
قال: ومن يعطيني الروبل؟ قلت: السفارة الروسية. قال: ومن يقول ذلك ؟ قلت: هو الذي يقول أن النقطة الرابعة تحركني.
ثم قلت: دع هذه الكلمات الفارغة، فاني سمعت مثل هذا الهراء الف مرة. ولكن قل: ماذا تريد الآن؟
قال: ألا تعمل ضد الشيوعيين.
قلت: لا أعمل ضد الشيوعيين بشرط. قال: وما هو؟
قلت: ألا يعملوا هم ضد: الله، وضد الإسلام، وضد الوطن.
قال: أما ضد الوطن، فهم من أنصار الوطن، وأما ضد الإسلام وضد الله، فهم يعملون لأن الله والإسلام أوهام وخرافات.
فقلت: ويعملون ضد الوطن، لأنهم ربطوا البلاد بالاستعمار الشرقي. قال: روسيا استعمار؟
قلت: بلى ألف مرة ومرة، وإذا لم تكن استعمارا فلماذا تتدخل في بلادنا.
قال: لنجاتنا من الانجليز قلت: ان الدلائل متوفرة أن الانجليز والروس كلاهما متفقان في هذا البلد لتحطيم المسلمين، كما اتحدا لاعطاء « فلسطين » لليهود.
ثم قلت: وكيف الله خرافة؟
قال: إذا كان الله موجودا فلماذا يكون هذا الظلم في العالم؟ قلت: أولا – الوجود شيء والعدل شيء آخر، فهل أمريكا موجودة أم لا؟ قال: موجودة. قلت: وهل هي ظالمة أم لا؟ قال: ظالمة. قلت: اذن فمن الممكن أن يكون الله موجودة، ويكون ظالما – سبحانه والعياذ بالله.
وثانيا – ان الظلم ليس من الله، ولكن من البشر بعضهم على بعض.
أن الله سبحانه، خلق الكون، وخلق كل ما يحتاج اليه الانسان وخلق الانسان، وأوصاه أن يعمل صالحا، وحذره من أن يعمل سيئا، ووعد المحسن بالثواب، ووعد المسيء بالعقاب.
فاذا خالف بعض الناس أوامر الله تعالى، فذلك مربوط بهم لا بالله تعالى.
فقال الشيوعي : هذه الفيضانات التي تغرق ملايين الناس والحيوان أليس ظلما؟ انه من الله لا من البشر.
قلت: بل هو من البشر! قال: وكيف؟
قلت: لأن البشر اذا كان يتعاون، ويجعل سدودة أمام الفيضانات لم يغرق البشر والحيوان والزرع، ألم تكن بغداد تغرق في كل فيضان، ثم بنوا سد «الثرثار» في سامراء؟
والآن أمنت بغداد من الغرق، اذن، فالبشر هم الظالمون لا الله سبحانه.
ثم قال: فالذين يولدون مشوهين؟
قلت: ثبت في العلم الحديث أن الطفل المشوه انما هو بسبب ذنب أمه وأبيه، حيث لم يراعوا شروط ومقتضيات الانجاب.
قال : والذين هم فقراء؟
قلت: انهم ذنب الدولة لأن الاسلام قرر لهم مرتبات شهرية كافية في خزانة الدولة.
قال: فالناس الذين يصابون بالأمراض؟
قلت: ان ذلك بسبب عدم رعاية موازين الصحة والوقاية، وهذا يعرفه كل طبيب، بل وكل انسان عاقل.
قال: أنت تنوي أن تجيب على كل مناقشة؟ قلت: نعم أجيب بأجوبة واقعية صحيحة، وهل کلامی باطل؟
قال: كل ذلك قبلته منك، لكن هل الله قادر على أن يكف ظلم الظالم؟
قلت: نعم. قال: فاذا لم يفعل فهو ظالم. قلت: أن مقتضى العدل أن يترك الناس بحريتهم واختيارهم. فاذا كان الله يجبر الناس على أعمالهم، لم يكن الانسان انسانا مختارا، بل كان جدارا، وخشبا، فسكت!
قلت: من فضلك استاذ، كان في كلامك الأول، انه اذا الم انقلع عن مضادة الشيوعيين، فعاقبتی سیئة، ما هی العاقبة السيئة التي تنتظرني؟
قال: الحقيقة كان هذا تهديدا مني، لكنني أعلم أن كل انسان هو ضد الشيوعيين، فالشوعيون يحفرون له بئرا. قلت: ومكروا ومكر الله، والله خير الماكرين.
قال: المعروف عندنا أنك رجل أمريكي. قلت: ألم يطالع الشيوعيون كتبي التي هاجم فيها أمريكا، كما أهاجم روسيا وبريطانيا، وغيرها من الدول الاستعمارية، وأدعو الى الاسلام عقيدة، ومنهجا ونظاما، والى استقلال البلاد الاسلامية من كل استعمار شرقي أو غربي؟
قال: هذا صحيح لكنهم حيث أنك ضد روسيا يتهمونك بهذه التهمة. قلت: (التهمة) بسيطة ، والانسان العامل لا بد وأن يتهم، وان كنت لا أعد نفسي من العاملين.
ودعني الشاب، وهو يشكر أخلاقي الدمثة – على حد قوله – وانصرف.
مباحثات الشيوعيين
محمد المهدي الحسيني الشيرازي
مركز الثقافة الإسلامية