فالطريقة الشرعية المثلى أن يطلق الرجل زوجته، عند الحاجة القصوى أو الضرورة – بعد استنفاد جميع طرق إصلاح ذات البين – طلقة واحدة في طهر لم يباشرها فيه، ويشهد على طلاقه شاهدین – کما في البخاري – ویستبقيها في بيتها، لا يخرجها منه ” ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ” سورة الطلاق.
وذلك تسهيلا العودة الزوجية بينها؛ فإن بدا للزوج بعد ذلك أن في الرجعة مصلحة له ولأولاده راجعها- وهي في العدة – ما تيسر له من قول أو فعل، وأشهد على ذلك؛ واحتسبت عليه طلقة من الثلاث، أما إن لم يراجعها حتى مضت عدتها، ورغب في العودة، احتسبت عليه طلقة واحدة من الثلاثة، ولم يجز له أن يعيدها إلى حظيرة الزوجية إلا بعقد جديد في مهر وشهود.
ثم إن جد ما دعا إلى الطلاق مرة ثانية، واتخذت جميع وسائل الإصلاح بدون نجاح، وتحققت الحاجة والضرورة القصوى إلى الطلاق، وتبين أنه الحل الوحيد، طلق عندئذ زوجته طلقة واحدة أيضا في طهر لم يمسها فيه، وأشهد على ذلك، واستبقاها في بيتها دون أن يخرجها منه، قطعا لحبال الإفساد، ومنعا الفضول الناس، في توسعة الخليج بين الزوجين، وتيسيرا للعودة بأدنى سبيل.
فإن رغب الزوج في العودة إلى زوجه وهي في العدة، راجعها بالقول أو الفعل، وأشهد على ذلك؛ واحتسبت عليه طلقة ثانية؛ وإن مضت العدة ولم يرتجعها، احتسبت عليه الطلقة، ولم يجز له ارتجاعها إلا بعقد جدید، فيه مهر وشهود.
وبذلك لا يبقى من الطلقات الثلاث إلا طلقة واحدة؛ فليتق الله في زوجه وأولاده، وليراقب الله الذي شرع له من الدين، ما فيه اليسر والرحمة وصلاح دينه، وصلاح دنياه.
فإن جد من الأمر بينه وبين زوجه ما يستوجب الطلاق، ولم تفد طرق الإصلاح كافة، طلقها طلقة ثالثة، وهي الأخيرة، في طهر لم يطأها فيه، وأشهد على ذلك، وأبقاها في بيتها، أجنبية عنه، حرام عليه، متحجبة، حتى تنقضي عدتها؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فهذا قول الله تعالى في كتابه العزيز: والطلاق مرتان … ثم قال (فإن طلقها – يعني طلقة ثالثة – فلا تحل له من بعد حتی تنکح زوجا غيره) سورة البقرة. وذلك هو الطلاق السني المشروع، الذي ارتضاه الله لعباده، کلما ساقتهم الضرورة إليه؛ فإلا يكن في المسلمين من يفعله، أو يطلق على منواله، فذلك لأنهم تنكبوا عن سواء الصراط، واستهوتهم البدعة، ولم يتقوا الله رب العالمين؛ وإنا لله، وإنا إليه راجعون.
منقول من كتاب الطلاق ومذاهبه في الشريعة والقانون
- د. محمد فوزي فيض الله
مكتبة المنار الإسلامية