أخطأ النظر
كان لأحد التجار ولد نجيب، فأراد ان يعوده على التجارة. فجهز له بضاعة وأمره بالسفر إلى بعض الاقطار ليتاجر. فمضى الشاب في طريقه.
ولما كان على مسرة أيام من المدينة، نزل ذات ليلة في بعض المروج، وكانت الليلة مقمرة. فقام يتمشى وقد مضى جزء من الليل، فبصر بذئب طريح وقد أخذه الهرم و الإعياء وضعف عن الحركة. فوقف الشاب يفكر في أمر هذا الذئب، ويقول:
كيف يُرزق هذا الحيوان المسكين؟ ولا أظن إلا أنه يموت جوعاً.
فبينما هو كذلك، إذا بأسد مقبل قد افترس فريسة، فجاء حتى قرب من الذئب. فتناول منها حتى شبع، وترك بقيتها ومضى، فعند ذلك تحامل الذئب على نفسه وأخذ يزحف حتى انتهى إلى ما تركه الأسد. فأكل حتى شبع، والشاب يتعجب من صنع الله في خلقه، وما ساق لهذا الحيوان العاجر من الرزق.
وقال في نفسه:
إذا كان سبحانه تكفل بالأرزاق، فلأي شيء احتمال المشاق وركوب الأسفار، واقتحام المخاطر؟
ثم انثنى راجعا إلى والده، فاخبره الخبر، وشرح له ما ثنى عزمه من السفر.
فقال له والده: يا بني، قد أخطأت النظر.
إنما أردت بك أن تكون أسداً تأوى اليك الذئاب الجياع، لا أن تكون ذئباً جائعاً تنتظر فضلة السباع.
فقبل الشاب نصيحة أبيه، ورجع بما مان فيه.