نور النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أشرف الكائنات وشافع يوم العرصات وأفضل أهل الأرض والسموات خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
عدنان فهو ابن أدر وأمه بلهاء. وكان لعدنان عشرة أولاد منهم معد، وعك، وعدن، وأد وغنى. ومعد صاحب النور ولد له أربع أولاد وانتقل النور إلى ابنه نِزار (بكسر النون) وكانت أمه معانتة بنت حوشم من قبيلة جرهم.
نِزار – أولاده ربيعة وأنمار و ومضر وأياد.
وظهرت من أنمار قبيلتان، جشعم وبجيلة وينسب قيس بن عبادة الأيادي الذي كان من حكماء العرب وفصحائهم إلى اياد.
وتشعبت من ربيعة ومضر قبائل كثيرة.
قول النبي عليه السلام ” لا تسبوا مُضر وربيعة فأنهما مسلمان”
ومضر من ماضر بمعنى الحليب قبل أن يصير لبناً وكان أسم مضر عمرو وأمه سودة بنت عك وانتقل نور النبوة من نزار إليه.
مضر، وولد له ابنان أحدهم عيلان – وقد ظهرت منه قبائل كثيرة والآخر الياس الذي انتقل نور النبوة إليه وصار سيد القوم وكبيرهم بعد أبيه. وأسم امه رباب، وزوجته ليلى بنت حلوان القضاعية اليمنية وكانت تسمى خندف وكان لأياس ثلاثة أولاد عمرو وعامر و عميراً.
سمى الياس عمرو بالمدركة وعامر بالطابخة وعميراً بالقمعة.
ثم انتقل نور النبوة إلى مدركة (عمرو) وقيل انه سمي بالمدركة لأنه ادرك جميع خصال آبائه الحميدة ولقب بابي هديل وتزوج مدركة سلمى بنت أسد بن ربيعة بن نزار وولدت له ولدين هما خزيمة وهذيل.
وانتقل نور النبوة إلى خزيمة فصار سيد القوم وله ثلاثة أولاد كنانة وهون وأسد.
ولما بلغ كنانة (وكنيته أبو النضر وأمه عوانه بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر) ساد قومه وقبائل العرب ورأى في المنام قائلاً يقول له: ” تزوج ببرة بنت مر بن أد بن طابخة بن الياس، تلد لك ولداً فريداً في عصره. فلما تزوجها ولدت له ثلاثة أولاد نضر وملك و ملكان. وتزوج ايضاً من هالة من قبيلة ازد، فولدت له ابن سمي عبد مناة.
اما النور الذي كان ساطعاً من جبهته انتقل إلى ابنه نضر، وسمى نضر لنضارة وجهه وسمى بقريش لان قومه يجتمعون حول مائدته والتقرش بمعنى التجمع. وكان له ولدان مالك ويخلد. فأنتقل النور إلى مالك وامه عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان وكان له ابن اسمه فهر (بالكسر) وامه جندله بنت حارث الجرهمية. وفهر له أربعة أولاد من ليلى بنت سعد بن هذيل وهم 1- غالب 2- محارب -3 حارث – اسد.
فانتقل النور إلى غالب، وكان له ابنان من سلمى بنت عمرو بن ربيعة الخزاعية وهم 1- لوي 2- تيم. فانتقل النور إلى لوي (بضم اللام وفتح الواو وتشديد الياء، مصغر لاى بمعنى النور).
وكان للوي أربعة أولاد 1- كعب 2- عامر -3- سامة 4- عوف.
وانتقل النور من لويّ إلى كعب وامه مارية بنت كعب القضاعية. وكان له ثلاثة أولاد من محشية بنت شيبان 1- مرّة (بضم الميم وتشديد الراء) 2- عدى 3- هصيص (كزبير) وكان اكبر اخوته وله ابن يسمى بعمرو ولعمرو ابنان هما سهم وجمع وينسب عمر بن العاص إلى سهم وينسب عثمان بن مظعون وصفوان بن أمية وأبو محذورة مؤذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جُمح وينسب عمر بن الخطاب إلى عدى بن كعب.
وانتقل نور النبوة إلى مرّة بن كعب وله ثلاث أولاد كلاب وأمه هند بنت سرى بن ثعلبة و تيم و يقظة وامهما البارقية.
وينسب أبو بكر وطلحة إلى تيم وتنسب قبيلة مخزوم إلى مخزوم بن يقضة ومن هذه القبيلة تكون أم سلمة وخالد بن الوليد وأبو جهل.
وكان لكلاب بن مرّة ابنان – زهرة وتنسب إليه آمنة أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسعد بن ابي وقاص وعبدالرحمن بن عوف 2- قصي بضم القاف وتشديد الياء واسمة في الأصل زيد.
وفي تلك الفترة كان حليل بن حبسيّة (بحاء وسين مهملتين على وزن وحشية) سيد أهل مكة وكبيرهم واستولى على مكة بعد الجرهميين وكان رئيسا على قبيلة خزاعة وله أولاد وبنات ومن جملة بناته (حبىّ) التي تزوجها قصي وولدت له أربعة أولاد 1- عبد مناف 2- عبد العزى 3- عبد القصى 4- عبدالدار.
ولما توفى قصى انتقل نور النبوة إلى عبد مناف واسمه المغيرة تزوج من عاتكة بنت مرة بن هلال السلمية فولدت له توأمين 1- عمرو ولقبه هاشم 2- عبد شمس.
وكان لعبد مناف ابنان آخران احدهما المطلب وينسب إليه عبيدة ابن الحارث والشافعي والآخر نوفل وينسب جبير بن مطعم إليه.
وتزوج هاشم بامرأة من نجباء قومه فولدت له اولاداً كثيرين من جملتهم أسد أبو فاطمة أم أمير المؤمنين، و مازال النور باقيا في جبينه فذهب ليلة إلى بيت الله الحرام ودعا الله وتضرع إليه كي يرزقه ولداً يحمل هذا النور. فرأى في المنام أنه يؤمر بالتزوج من سلمى بنت عمرو بن زيد ابن لبيد من بني النجار الذي كان مقيماً في المدينة.
فشخص هاشم إلى الشام وسلك طريق المدينة. نزل في بيت عمرو وخطب ابنته، فانكحه إياها وشرط عليه ان لا تلد ولداً إلا عند أهلها وان يبقى الولد في المدينة. فقبل هاشم الشرط ولما رجع من الشام اخذها معه إلى مكة فحملت هنا بعبد المطلب. فأخذها إلى اهلها وفاءاً للشرط وذهب إلى الشام فتوفى في مدينة غزة التي تقع في اقصى الشام بينها وبين عسقلان فرسخان.
اما سلمى فولدت عبد المطلب وسمته عامراً وكان في راسه شيبة فاشتهر بشيبه. وربته امه حتى عرف اليمين من الشمال ولقب بشيبة الحمد لجميل خصاله وبديع فعاله. فجاء عمه المطلب، الذي كان سيد القوم في مكة والذي عنده مفاتيح البيت وقوس إسماعيل عليه السلام وعلم نزار وله منصب السقاية والرفادة، واخذه إلى مكة مردوفاً إياه على ناقته فادخله على قريش فسموه عبدالمطلب لزعمهم ان المطلب اشترى عبداً من المدينة ثم اخذه الى البيت والبسه ملابساً نظيفة جميلة.
وكان لعبد المطلب عشرة أولاد وست بنات وكان عبدالله ابرز أولاده وكانت امه وام ابي طالب والزبير فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عبد بن عمران بن مخزوم,
وكان عبدالمطلب قد نذر حين لقى من قريش ما لقى عند حفر زمزم لئن ولد له عشرة أولاد ثم بلغو معه حتى يمنعوه يذبح احدهم لله عند الكعبة فلما توافى بنوه عشراً اخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء بذلك فأطاعوه.
فاختار عبدالمطلب الضرب بالقداح كي يخرج الولد الذي يريد ذبحه فلما ضرب القداح خرج باسم عبد الله ، فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة ثم اقبل به الى إساف ونائلة حيث مكان الذبح ليذبحه ، فمنعته قريش واخوة عبد الله والمغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، وقالوا له : لا تذبحه ابداً حتى تعذر فيه .
فأجمعوا ان يذهبوا الى كاهنة تقيم في المدينة ، ويحكموها فلما ذهبوا اليها ، قالت : كم دية الرجل فيكم ؟ قالوا عشر من الابل ، قالت : فارجعوا الى بلادكم ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشراً من الابل ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح ، فان خرجت على صاحبكم فـزيدوا مــن الابل حتى يرضى ربكم وان خرجت على الابل فانحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم .
فخرجوا حتى قدموا مكة فقربوا عبد الله وعشراً من الابل، ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشراً ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فأضافوا عليها عشراً عشراً الى ان بلغت المائة ، فضربوا فخرج القدح على الابل ففرحت قريش وقالت : قد رضى ربك يا عبد المطلب.
فقال : لا ورب الكعبة فضرب مرّتين أخيرتين ، فخرج القدح على الابل ، فنحرت فدية عن عبد الله وصارت دية الرجل في الاسلام مائة من الابل ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “انا ابن الذبيحين ” يعني جدّه اسماعيل وأباه عبد الله.
يقول العلامة المجلسي : « فلمّا لحق عبد الله ملاحق الرجال تطاولت اليه الخطاب وبذلوا في طلبه الجزيل من المال ، كل ذلك رغبة في نور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن في زمانه أجمل ولا أبهى ولا أكمل منه ، وكان اذا مرّ بالناس في النهار يشمّون منه رائحة المسك الاذفر والكافور والعنبر ، وكان اذا مرّ بهم ليلاً تضيء من نوره الحنادس والظلم ، فسموه أهل مكة مصباح الحرم وأقام عبد المطّلب وابنه عبد الله بمكة حتى تزوج عبد الله بآمنة بنت وهب .
لما حملت آمنة برسول الله علمت الكهنة به .وكانت العرب قد اصابها قحط ومخمصة فبعد حملها به صلى الله عليه وسلم نزل المطر وكثرت النعم عليهم حتى سميت تلك السنة بسنة الأنقع.
بعث عبد المطلب ابنه للتجارة الى الشام ، فمرض عند رجوعه من هناك ومكث في المدينة حتى توفي ودفن جثمانه الطاهر في دار النابغة .
ولما علم عبد المطلب بمرضه بعث اليه الحارث ، فلما وصل الحارث رآه قد توفي ، وكان عمره الشريف خمساً وعشرين سنة .