ماذا يعمل المختار؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه أي مواطن يحاول فقط أن يعرف حقيقة المختارين في هذا البلد.
فهنا مهمة المختار اصبحت معروفة، بالنسبة لاي مواطن. فهي تنحصر في انهاء معاملة ميلادية، او حسن سلوك، او شهادة اثبات انه يسكن في المنطقة. واصبحت صلاحيات المختار هي الأخرى لا تتعدى هذه الشكليات البسيطة، علما، بان المهمة الاساسية للمختار هي غير ذلك.

ففكرة تعيين المختارين بدأت منذ الحكم العثماني في البلاد العربية ابان فترة ازدهاره وتوسع دولته. وكان المختار آنذاك هو الشخص الذي يمثل الحكم في القرية. وبعد اندثار الحكم العثماني. بقيت هذه الفكرة الى الان ليست في الكويت فقط، وانما في اغلب بلدان العالم، وان اختلفت التسميات.

لكن هذه الفكرة تحولت تدريجيا من كون المختار ممثلا للحكومة، الى كونه ممثلا عن ابناء المنطقة الذي هو مختار عنهم.

لكن الحادث هنا في الكويت هو العكس. فالمختار يعين من قبل وزارة الداخلية، ومهمته بنظر الداخلية، هي مهمة امنية علما بانها اساسا اجتماعية وليست امنية فقط.

فالمختار في تصورنا هو الشخص الذي يبحث في مشاكل المنطقة وهو الذي يسعى لاطلاع المسؤولين وافهامهم هذه المشاكل حتى يتسنى حلها.

لكن وبكل اسف، حين تحتك باي مختار هنا تجد مهمته محصورة اما في شهادة الميلاد او الكفالة، او الوساطة في قضية ما ونادرا ما تجد مختارا يعد تقارير، ودراسات عن منطقته يوضح فيها حقيقة اوضاعها.

ربما يكون مردود هذه الحالة، هو ربط المختارين بوزارة الداخلية، وتحويل مهمتهم الى مهمة امنية. فاذا كان المقصود من وجود المختار هو تمثيل الحكومة في المناطق البعيدة او القرى فرأينا، أن هذا يتبع في الحكومة في المناطق التي لا يوجد بها مراکز، او جهات حكومية. لكن هنا، ما دامت المؤسسات الحكومية بكاملها تمثلها فروع في جميع المناطق، اذن ففي هذه الحالة يصبح لا مبرر لوجود المختار اذا كان القصد هو انه يمثل الحكومة.

لو نظرنا فقط نظرة خاطفة الى مهمة المختارين في البلدان الأخرى، لوجدناها غير ذلك بكثير. فلا اعتقد ان المختار في الدول الأوروبية أو حتى العربية تنحصر مهمته في توقيع كفالة، او شهادة ميلاد، او شهادة جمركية.

ان المختار هناك هو الشخص الذي يدرس كل ظاهرة جديدة في منطقته ويحدد اسبابها ونتائجها، وانعكاساتها وهو الذي يقدم اراء ومقترحات ابناء المنطقة، ليوصلها الى الحكومة او اي جهة رسمية اخرى.

فابن المنطقة نفسه، إذا كان ينظر للشخص الذي يمثله اساسا، على انه لا يحمل مؤهلا علميا، او دراية ثقافية وعلمية، فلا شك أنه سيصاب بخيبة أمل كبيرة، تعزز في نظره الراي القائل بأن مهمة المختار هي تمثيل وزارة الداخلية، او تمثيل الحكومة.

الخلاصة

برأينا أن مهمة المختار غير ما هي عليه حاليا تماما. ثم إذا كان المختار فعلا يمثل ابناء المنطقة، فلماذا لا نترك أمر اختياره لأبناء المنطقة أنفسهم، على ان يتم ذلك بأنزه وأسلم الطرق الديمقراطية، اي بالانتخابات وفي هذه الخطوة تعزيز، وتأكيد اوضح من واضح، على تعزيزنا للديموقراطية في البلاد.

اما إذا أردنا أن نستمر في حالة التعيين، فاعتقد انه من الأفضل أن لا يكون التعيين من وزارة الداخلية، او ان يكون المختار تابعا لها، بل يجب أن تنسب هذه المهمة، الى مجلس الأمة او الى مجلس الوزراء، او ان يكون مجلس المختارين هيئة مستقلة بذاتها ليس لاي وزارة اخرى سلطة عليه.

مقابل ذلك، لا بد من تغيير الشرط الذي ينص على المؤهل العلمي والمستوى الثقافي ورفعه أكثر من ذلك حتى لا يشعر ابن المنطقة، أن هناك من هم أفضل من المختار في منطقته، لكنهم لم يعينوا في هذا المنصب.

والخلاصة:

إذا أردنا أن نستمر بالوضع الحالي فاعتقد انه من الأجدى بكثير ان نلغي هذا المنصب، ولا داعي لوجوده، ما دامت قد حصرت مهمته في تمثيل الحكومة، فهناك العديد من الجهات التي تمثلها في كل منطقة.

موضوع عن المختار في مجلة الهدف بتاريخ 9-8-1973

Comments are closed.