نافذة النفط – جريدة القبس الكويتية
مؤسسة البترول العباسية
المهندس أحمد العربيد 4 فبراير، 2018
في الاسبوع قبل الماضي كنت قد نشرت على هذه النافذة مقالا بعنوان «النفط في الدولة العباسية».
وقد تطرقت الى المدى الذي وصل اليه علماء المسلمين باكتشاف ثماني عمليات كيمياوية لاشتقاق مكونات النفط، بما يؤدي الى حسن استغلال هذه الثروة المعجزة.
تابعت بحثي عن معلومات تاريخية بشأن النفط.
فبادرني مرة أخرى معالي السفير، الأستاذ محمد جاسم السداح، بمقالة قديمة قد تم نشرها في مجلة العربي التابعة لوزارة الاعلام.
والتي يتم تحريرها وإصدارها في الكويت، ونشرها في الدول العربية.
هذه المقالة مضى عليها ثلاثون عاما، وقد كتبها الدكتور محمد عيسى صالحية، عنوانها “النفط: حلابة جبل في قعر بئر”.
اطلعت على المقالة المفيدة، وبعد ذلك بحثت في مصادر أخرى تتعلق بالنفط في عصور الحكم الاسلامي.
وتبين لي أن الدولة العباسية كان لها جهاز إداري وفني ورقابي، معني فقط بالثروة النفطية. وأنه يقوم على ادارته وآليات، يختاره خليفة المسلمين.
الدور المنوط بهذا الوالي هو نفسه الدور المنوط اليوم بالرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية المهندس الفاضل نزار محمد العدساني.
وتبيّن أن مسؤوليات الوالي تتحدد في البحث والإنتاج والحفظ لمادة النفط.
كانت الوسيلة الوحيدة للبحث عن النفط هي المشي في الصحراء بحثا عن تسرب النفط، الذي يظهر بصور القار او الزفت او النفط السائل، ثم يتم حفظه في حفر من التراب.
وكانت ينابيع النفط تتفجر ويسيل منها النفط. اتخذ الوالي سجلا لينابيع النفط لرقابتها.
ومطلوب من الوالي ان يضمن توفير ما يمكن من النفط لسد حاجات البلد.
وأهم هذه الحاجات هي الإضاءة او ما يسمى بالاستنارة، وهي بالتأكيد إشعال مادة النفط لإحداث الضوء وحمله بمشاعل تنير الدروب والبيوت والمساجد.
وهذا وحده يصور للقارئ حجم العمالة المطلوبة لهذا العمل وضمان استمراريته وديمومته.
وكان المعتصم العباسي أول من أسرج (اي وضع سراجا)، وأنفط (أي وضع فيه النفط) في موسم الحج عام 219 هجري.
فأقام الأعمدة وعليها المشاعل عند مناسك الحج وفي الطرقات لتسهيل تنقل الحجاج.
كان المسلمون أيضا يستخدمون النفط كمادة حارقة في الحروب، يتم صنعها على شكل قنابل المولوتوف البدائية.
وعليك عزيزي القارئ ان تتصور كيف تم ذلك في تلك العصور.
كما على الوالي المسؤول عن النفط في الدولة العباسية أن يوفر مادة النفط للحكماء (أي الأطباء) لتهيئتها كدواء يعالج الكثير من الأمراض.
ومن أغرب ما قرأت أن المسلمين كانوا أيضا يستخدمون النفط في عمل المفرقعات الهوائية في الأعياد والمناسبات السعيدة، كما تم استخدام النفط في ألعاب خفة اليد.
كانت مسؤولية تسعير النفط من واجبات الوالي.
وقد ورد أن الوالي قد حدد سعر النفط المنقول على بغلة من داخل المدينة إلى خارجها بعشرة دراهم.
قام أحد أهل المدينة برفض هذا السعر، ولجأ للقضاء الذي حكم لمصلحة الوالي.
كما تم استخدام النفط في صناعة العطورات والطيب، وكانت تحدد له الاسعار.
وقد وصلت ذروة أسعار النفط في حقبة من الزمن بضعة عشر قيراطاً من الذهب لحجم من النفط لم يذكر في المصدر.
لكن هناك مؤشرات تدل على أن ارتفاع أسعار النفط كان في عام 322 هجرية.
إذ شهدت بغداد في هذا العام انحلالاً للأمن، ولجأت الدولة إلى مطاردة الثائرين ليلاً، وكان في يد جنودها مشاعل النور، فاستطاعوا القبض على الثائرين بسهولة.
إلى المقام الرفيع الوالي المؤتمن نزار بن محمد بن العدساني أنار الله دربه وأدام ظله.
ملاحظة: يعرض هذه الأيام في دور السينما فيلم بعنوان كل المال في العالم، بطولة كريستوفر بامر وميشيل وليامز.
يعرض الفيلم قصة البليونير النفطي السيد جتي الاميركي.
الذي بنى ثروته من مشاريع النفط في المنطقة المحايدة سابقا بين الكويت والمملكة العربية السعودية.
وأسس شركة باسم شركة جتي للنفط، حتى أصبح أغنى رجل في العالم في الستينات والسبعينات.
يعرض الفيلم جشع السيد جتي واستعداده لأن تقوم العصابات التي اختطفت ابنه، وقصت أذنه وأرسلتها في طرد بريدي الى أسرته، ان يضحي بالمال لأجل إنقاذ هذا الابن.
الفيلم ممتع، ويعرض الكثير من المعلومات النفطية في منطقة الخليج العربي.
المهندس أحمد راشد العربيد
aarbeed@