لماذا بكى أهمُّ عقلٍ علميٍّ عراقيٍّ؟
عبد الجبار عبدالله (1911-1969) :
عالِم الفيزياء والفلكي العراقي العالَمي ، المولود في قلعة صالح في العِمارة ،لأسرة مندائيّة .
أكمل دراسته الأولية في العراق ، والجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت ، وحصل على الدكتوراه في العلوم من معهد ماساشوستس للعلوم والتكنولوجية في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يُعد الأرقى في العالَم.
وكان أحد أربعة طلبة فقط تتلمذوا على يد ألبرت إينشتاين .
بعد عودته إلى العراق اشتغل استاذاً ورئيساً لقسم الفيزياء في دار المعلمين العالية ببغداد 1949 – 1958.
ثم رئيساً لجامعة بغداد (1959-1963) ، نشر خلالها جملة من أهم الأعمالِ العلميّة في أهم المجلات العلميّة العالميّة ، إذ كان يجيد الإنكليزية والفرنسيّة والألمانيّة.
أقيلَ مِن منصبه بعد الإطاحة بعبد الكريم قاسم ، بتهمة الميول اليسارية ، واعتُقِل وعومِل معامَلة مهينة .
غادَر العِراق إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وهناكَ منحه الرئيس الأمريكي هاري ترومان وسام مفتاح العِلم لعبقريته العِلميّة.
بقي هناك حتّى توفي (1969) ، ليعود جثماناً، ودفن حسب رغبته في العراق في المقبرة المندائية قرب بغداد.
يروي أحد زُملائِه في الزنزانة ، وكان أستاذاً ، إبان اعتقال (1963) ، أنّه عرِفَ بأنّ من يشارِكه الزنزانة عبد الجبار عبد الله ، فكان لا يكادُ يرفع عينيه في وجهه لجلالته العلميّة ، ولكنّه كان يشاهِده يُكثِر التأمل ، ثم تنهمر منه دمعات !
فتقرّب منه وسألَه عن سببِ بكائه ؟
فأجابَ : عندما جاء الحَرس القومي لاعتقالِي ، صفَعني أحدهم فأسقطني أرضاً ، ومدّ يده إلى جيبي وأخذ قلم الحبر الذي أهدانيه إينشتاين ، وكان من الياقوت الأحمر ولم أكن أستعمِله إلا لتوقيع شهادات الدكتوراه فقط.
وصمت لبرهة من الزمن ، ثم قالَ
لم تؤلمني صفعته ولا سرقته ولا الاعتقال ؛ ولكن ما آلمني أنّه كان أحد طَلَبتي.