قال الحجاج

قال الحجاج

قال الحجاج بن يوسف للباذون طبيبه: صِف لي صفةً آخذُ بها في نفسي ولا أعدوها.

قال له: لا تتزوَّج من النساءِ إلا شابة، ولا تأكل من اللحم إلا فتيّا، ولا تأكله حتى تُنعِمَ طبخه.
ولا تشرب دواءً إلَّا من عِلَّةٍ ، ولا تأكل من الفاكهة إلَّا نضيجها ، ولا تأكل طعامًا إلَّا أجدتَ مضغه.
وكل ما أحببت من الطعام واشرب عليه ، فإذا شربتَ فلا تأكل ولا تحبس الغائط ولا البول.
وإذا أكلت بالنهارِ فنم ، وإذا أكلتَ بالليلِ فامشِ قبل أن تنام ولو مِائةَ خطوة.

وقال الحجاج لابن القرية: ما تقول في التزويج؟

قال: وجدت أسعد الناس في الدنيا، وأقرهم عيناً، وأطيبهم عيشاً، وأبقاهم سروراً، وأرخاهم بالاً، وأشبهم شباباً، من رزقه الله زوجة مسلمة أمينة عفيفة حسنة لطيفة نظيفة مطيعة، إن ائتمنها زوجها وجدها أمينة، وإن قتر عليها وجدها قانعة، وإن غاب عنها كانت له حافظة.
تجد زوجها أبداً ناعماً، وجارها سالماً، ومملوكها آمناً، وصبيها طاهراً، قد ستر حلمها جهلها، وزين دينها عقلها، فتلك كالريحانة والنخلة لمن يجتنيها، وكاللؤلؤة التي لم تثقب، والمسكة التي لم تفتق.
قوامه صوامة ضاحكة بسامة، إن أيسرت شكرت، وإن أعسرت صبرت، فأفلح وأنجح من رزقه الله مثل هذه.
وإنما مثل المرأة السوء كالحمل الثقيل على الشيخ الضعيف، يجره في الأرض جراً، فبعلها مشغول، وجارها مقبول، وصبيها مرذول، وقطها مهزول.

قال الحجاج:

يا ابن القرية، قم الآن فاخطب لي هند بنت أسماء، ولا تزد على ثلاث كلمات فأتاهم، فقال: «جئت من عند من تعلمون، والأمير يعطيكم ما تسألون، أفتنكحون أم تدعون» ؟ قالوا: أنكحنا و غنمنا.

فرجع إلى الحجاج، فقال: «أصلح الله الأمير، صلاح من رضي عمله، ومد في الخيرات أجله، وبلغ به أمله، جمع الله شملك، وأدام طولك، وأقر عينك، ووقاك حينك، وأعلى كعبك، وذلل صعبك، وحسن حالك على الرفاء والبنين والبنات، والتيسير والبركة، وأسعد السعود وأيمن الجدود، وجعلها الله ودوداً ولوداً، وجمع بينكما على الخير والبركة، فتزوجها الحجاج.
ثم إنه دخل ذات يوم عليها وهي تقول:

ومــا هند إلا مهرة عـربية سليلة أفــراس تحــللها بغل

فأن أتاها مهر فلله درها وإن اتاها بغل فمن ذلك البغل

فخرج من عندها مغضباً، ودعا ابن القرية، فدفع إليه مائة ألف درهم وقال:
أدخل إلى هند وطلقها عني، ولا تزد على كلمتين، وادفع إليها المال.
فحمل ابن القرية المال، ودخل عليها فقال: إن الأمير يقول: (كنت فبنت) ، وهذه المائة ألف صداقك.

فقالت: يابن القرية ما سررت به إذ كان، ولا جزعت عليه إذ بان، وهذا المال بشارة لك لما جئتنا به.

Comments are closed.