عرض الحجاج سجنه يوماً، فأتي برجلٍ فقال له: ما كان جرمك؟
قال: أصلح الله الأمير، أخذني العسس وأنا مخبرك بخبري، فإن يكن الكذب ينجي فالصدق أولى بالنجاة.
فقال: ما قصتك؟
قال:
كنت أخاً لرجلٍ فضرب الأمير عليه العبث إلى خراسان، فكانت امرأته تجد بي وأنا لا أشعر، فبعثت إليّ يوماً رسولاً قد جاء كتاب صاحبك فهلم لتقرأه. فمضيت إليها، فجعلت تشغلني بالحديث حتى صلّينا العشاء، ثمّ أظهرت لي ما في نفسها، ودعتني إلى السوء، فأبيت ذلك. فقالت: والله لئن لم تفعل لأصحين ولأقولن أنك لص. فلما أبيت عليها صرخت فخرجت هارباً. وكان القتل أهون على من خيانة أخي. فلقيني عسس الأمير فأخذوني. وأنا أقول متمثّلاً:
رب بيضاء ذات دلٍّ وحسن قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف، ولكن كنت ندمان زوجها فاستحيت
فعرف صدق حديثه وأمر بإطلاقه.