بين الشيخ وزوجته الفتاه

بين الشيخ وزوجته الفتاه

 

حُكي عن شيخ أنه قال:
كنت عقدت قراني على فتاة بكر وخلوت معها بحجرة مزينة بالورد والزهر وربطت نظري وقلبي بحبها وهجرت نوم الليالي الطوال.
إذ خلوت بها أورد لها اللطائف والنكات لكي تستأنس فلا تحس بالوحشة وذات ليلة قلت لها: 

إن طالعك العالي كان لكِ مُسعدا ولحظ دولة إقبالك كان مستيقظاً إذ اوقعاك بصحبة شيخ حنكته التجارب وعركته النوائب فتحمل من الأيام حرها وقرها وذاق من الليالي حلوها ومرها وجرب جيدها ورديئها.
فعرف حق الصحبة وقام بواجب شرط المودة ولذا فهو مشفق راحم ذو حنان مع حُسن في الطبع وعذوبة في اللسان. 

ولم يسلماكِ بيد شاب معجب بنفسه عنيد غير ذي رأي سديد بخفة القدم كل لحظة يطبخ هوى بشكل جديد ينام كل ليلة بمكان ويهيم كل يوم بإنسان.
أما طائفة الشيوخ فيحيون بالعقل والآداب لا على ما يقتضيه طيش الشباب. 

قال: وعلى كثرة ما سقت لها من النوادر على هذا النمط توهمت أن قلبها وقع في قيدي وأصبح في صيدي.
وإذا بها صعدت فجأة من قلبها فاترا من فواد مُفعم بالألم وقالت: 

أن جميع ما قلته لا يبلغ بميزان عقلي وزن كلمة سمعتها من قهرمانتي حيث كانت تقول:
إن الشباب لو انه سهم في جنب المرأة لكان خيرا لها من الشيخ الهرم. 

والحاصل إنه لم تكن الموافقة فكانت النهاية المفارقة.
ولما أكملت عِدتها عقد نكاحها على شاب عبوس الوجه صِفرِ اليد رديءِ الطبع فعانت منه الجور والجفاء والألم والعناء ومع ذلك فقد كانت توالي شكر النعمة لله فتقول:
الحمد لله الذي أنقذني من العذاب الأليم وأوصلني إلى هذا النعيم المقيم. 

فتمثلت بقول الشاعر

بحــنبك نيرانُ الــجحيم تــلذ لي ولا مع سواك في جنة الخــلدِ

فنَتنُ فمٍ من ذي مُحياً موردٍ ولا من يدي شيخ قبيح شذا الوردِ 

من كتاب روضة الورد

Comments are closed.