أكثر الناس حسرة ثلاثة
رواية سمعتموها تقول أن أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة:
الأول، كل عالم واعظ عمل الناس بعلمه ونصيحته ووعظه ولكنه هو نفسه ترك الدنيا ولا عمل له، فيوم القيامة يرى الآخرين وقد دخلوا الجنة بسبب وعظه وتعليمه أما هو فيؤخذ إلى جهنم. فما أشد خجله من الناس؟ إنه يتمنى التعجيل بإدخاله جهنم حتى لا يراه الناس.
والثاني، صاحب المال الذي مات ولم ينتفع بماله وقد صرفها ورثته بالخيرات والمبرات. فعليه تعب جمعها والأجر لغيره. فغدا تكون عليه حسرة.
والثالث، المولى الذي يعذب بعمله وعبده منعم. فهم في عذاب روحي فضلا عن عذاب جهنم وأشد منه، طول عمره كان يقول:
أنا سید أو سيدة ولي خادم وخادمة والآن يرى خدمه سادة حقيقيين وهو وضيع وذليل .
سراب يترك الجميع عطشی محرومین
المحير في الأمر أن الجميع يسعون نحو السعادة في الدنيا ولا يصلونها وإذا وصلوا بعد كدح طویل فإنها لا تدوم طولا وسرعان ما يكتفي منها. إنها حقا سراب يترك المتلهفين إليه عطاشی محرومین. ألم يحن الوقت لأن نتخذ قرار العمر، فينبغي أن نترك ما نحن فيه ونتجاوزه. إنه لصعب أن يخرج الإنسان من قلبه ما تعلق به عمرة. وما أجمل البيت القائل: خير للعاقل في هذه الدنيا أن يكابد المصاعب فعاقبة الحياة الرخية ممات صعب
وكلما استمتع المرء أكثر كلما زادت قساوة قلبه، وبغض النظر عن نتائج ذلك في الآخرة، فإنها حقا لا قيمة لها. فكم هو عمر الإنسان وكم سنة بقيت من العمر؟ أمن أجل هذه البطن التي يمكن أن يملأها أي شيء؟ فلم يجر الإنسان إلى نفسه العناء الأبدي؟
فواكه ولحم طير الجنة
وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ
خدم الجنة يقدمون لهم ما يختارون من فواكه الجنة. فواكه الجنة لا تثقل على المعدة فكلما أكل منها اشتهى المزيد
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
جاء في التفاسير أن طير الجنة يتكلم کسائر ما في الجنة فكل ما فيها حي مدرك، أوراق الشجر والطيور وحتی خلخال الحور كلها تنطق وتتكلم. إنه عالم فوق عالم الطبيعة وله قوانينه ونظامه الخاص. تقول بعض التفاسير: أحد طيور الجنة على غصن من أغصان الجنة يخاطب المؤمن فيقول بصوت جميل: یا ولي الله أنا طير خلقني الله في الجنة ، ليس في الجنة عين إلا شربت منها ولا فاكهة إلا أكلت منها فلحمي من هذه العيون والثمار فهل تشتهي أن تأكل لحمي ؟ فيقول المؤمن: نعم . فيلقي الطير نفسه أمامه ويخفق بجناحه فتخرج من كل ريشة منه قطعة لحم ولكل قطعة طعم يأكل منها المؤمن ثم يطير الطير ثانية.
هارون وحكومة مصر
الخليفة العباسي هارون الرشيد والذي كانت مصر جزء من إمبراطوريته، قرأ مرة في القرآن قول فرعون: أليس لي ملك مصر.
تعجب وقال لوزيره إئتني بأحط الناس. فذهب وزيره الى خرابة فيها رجل أشعث يلعب مع جرو كلب، فجاء به الى الخليفة.
فقال له الخليفة: لو جعلتك واليا على مصر فهل يمكنك حكمها؟
قال : نعم . فقال هارون: سأوليك مصر – التي ادعى فرعون الربوبية لملكه الها – ليكون ذلك توهينا لفرعون واستهانة به. وقد حكم مصر ولده أيضا من بعده.
من كتاب الدار الاخره
تاليف السيد عبدالحسين دستغيب