الخضر بين الأنبياء العبد الصالح

قال تعالى:

قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا

قال موسى للخضر عليه السلام:
لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة، وروي أنه قال:
ذلك لما رأى أن الماء لا يدخل السفينة مع خرقها، فعلم أن ذلك مصلحة يريدها الله تبارك وتعالى.
وكانت الأولى من موسی نسیاناً.
وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة في البحر.
فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

قال علماؤنا حرف السفينة طرفها وحرف كل شيء طرفه ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد.
والعلم هنا بمعنى المعلوم، كما قال : “ولا يحيطون بشىء من علمة” أي من معلوماته، وهذا من الخضر تمثيل أن معلوماتي ومعلوماتك لا أثر لها في علم الله.
كما أن ما أخذ هذا العصفور من هذا البحر لا أثر له بالنسبة إلى ماء البحر. وإنما مثل له ذلك بالبحر لأنه أكثر ما يشاهده مما بين أيدينا.
إطلاق لفظ النقص هنا تجوز قصد به التمثيل والتفهيم إذ لا نقص في علم الله ولا نهاية لمعلوماته.

وقد أوضح هذا المعنى البخاري فقال:

والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله! إلا كما أخذ هذا الطير بمنقاره من البحر.
وفي التفسير عن أبي العالية: لم ير الخضر حین خرق السفينة غير موسى، وكان عبدا لا تراه إلا عين من أراد الله له أن يريه ولو رآه القوم لمنعوه من خرق السفينة.
وقيل خرج أهل السفينة إلى جزيرة وتخلف الخضر فخرق السفينة، وقال ابن عباس:
لما خرق الخضر السفينة تنحى موسی ناحية وقال في نفسه ما كنت أصنع بمصاحبة هذا الرجل؟
كنت في بني إسرائيل أتلو کتاب الله عليهم غدوة وعشية فيطيعوني.
قال: له الخضر: يا موسى أتريد أن أخبرك بما حدثت به نفسك؟ قال: نعم، قال: كذا وكذا، قال : صدقت.
ذكره الثعلبي في كتاب العرائس “ولا ترهقني” أي لا تكلفني مشقة من أمري، بل علمني باليسر ولا تعلمني بالعسر، ولا تضيق على الأمر، فإن ذلك يعسر علي متابعتك.

الخضر بين الأنبياء العبد الصالح
حيدر كامل
محمد شراد حسني
دار البحار ودار مكتبة الهلال – بيروت

Comments are closed.