التَّكَامُلُ فِي الْعَائِلَةِ

لَمْ يَكُنْ يُؤْلِمُ أَبِي وَخْزُ الشُّوكِ وَالصِّرَاعُ مَعَ الصَّخْرِ بِقَدْرِ مَا كَانَ يُؤْلُهُ وَخْزُ لسان أُمِّي والصَّرَاعُ مَعَ أَطْبَاعِهَا فَقَدْ كَانَ صَبُورًا وَكَانَتْ لَجُوجَةٌ. وَكَانَ قَنُوعًا وَكَانَتْ طَمُوحًا وَكَانَ مُسَالمًا وَكَانَتْ لَا تهَابُ الْخصَامَ. وَكَانَ يَميلُ إلى السكوت والتَّأمل وَتَمَيلُ إِلَى الْجَدَل والارشاد وَالْحَرَكَة. وَكَانَتْ عَاطِفَتُهُ أَعْمَقَ مِنْ مُتَنَاوَل لسانه وَعَاطِفَتُهَا تَتَفَجَّرُ مِنْ عَيْنَيْهَا وَمَنْ أسارير وَجَهَهَا، وَمَنْ لَسَانهَا. فَكَانَتْ بَيْنَهُما أَصْطَدَامَاتٌ لَعَلَّهَا أَبْشَعُ وَأَوْجَعُ مَا أَحَمْلُهُ حَتَّى الْيَوْمِ مِنْ ذكْرَيَاتِ صَبَايَ إِلَّا أَنَّهُما فِي الْوَاقِعِ كَانَا يُتَمِّمُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.

فَلَوْلاَ طَمُوحَ أمِّي وَلجَاجَتُهَا وَحُسْنُ تَدْبِيرِهَا لَا تَعَلَّمَ أَيُّ مِنَّا أَكْثَرَ مِمَّا تَعَلَّمَ وَالدُّنَا أَيْ: «طَهُ – وَاوْ – با – يَا طُوبَى وَلَوْلَا صَبَرُ وَالِدِي الطَّوِيلُ وَمَقْدُرَتُهُ الْعَجِيبَةُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُضْنِي وَتَحَمُّلِ شَطَفِ الْعَيْشِ لَمَا بَقِيَتْ عَائِلَتُنَا مُتماسكة تمَاسُكَ الذَّرَّاتِ فِي الفُولَاذِ وَلَا كَتَبَ إِليَّ أَخِي أَدِيبٌ مِنَ الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ يَوْمَ بَلَغَهُ خَبَرُ وَفَاةِ وَالِدَنَا سَنَةَ أَلْفِ وَتِسْعِمَائَة وَسَبْعِ وَثَلَاثِينَ: لَقَدْ كُنْتُ أَعْبُدُ التراب الذي يمشي عليه.

ميخائيل نعيمة

Comments are closed.