تتكون شخصية الإنسان من عدة عوامل، وهي:
الوراثة والتربية والبيئة. فإذا كانت هذه العوامل صالحة أنتجت إنسانة سوية صالحة، والعكس كذلك.
يقول العلماء:
إن ما يزرع في الإنسان في طفولته يؤثر عليه في كبره.
فإن كان يلقن من الأبوين أنه فاشل وغبي فإن ذلك ينعكس عليه عند كبره.
إن بعض علماء النفس يقدر أن الشخص منذ طفولته حتى سن ۱۸، يسمع كلمة «لا» و «لا يمكنك» تقريبا 150 ألف مرة.
تصور 150 ألف قطرة ماء صافية وعذبة تقع على صخرة في نفس الموقع، ماذا يحدث؟ تتفتت الصخرة.
ولتغيير هذه الحال لا بد من الرجوع إلى باطن النفس الإنسانية – أي العقل الباطني الذي غرست فيه السلبيات.
ثم العمل على محو تلك الذكريات وزرع الإيجابيات مكانها، وهذا ما يعرف ب: «التخلية» عن الرذائل «والتحلية» بالفضائل، وهو معنى الآية المباركة:
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11)
فكما أن الزارع يزيل الأوساخ من الأرض ثم يزرع البذر، كذلك يجب أن يفعل الإنسان التغيير نفسه.
قال د – إبراهيم الفقي: عندما يولد الطفل يأتي للدنيا نقياً تماما ، وكل ملفات عقله روحانية ونقية.
ولا يجد عنده أي إدراك لأي معنى، ولا لأية لغة، ولا يدري ما يجري حوله.
ثم يبدأ الوالدان في التكلم معه بتعبيرات وجه وتحركات جسم وتکرار، حتى يبدأ الطفل في النطق.
ويمر الوقت ويكبر الطفل ويتكون عنده إدراك بسيط لمعنى ما يحدث حوله.
وهذا الإدراك يعطيه
معنى لما فهمه ولغة معينة تمثل هذا المعنى، وهنا يبدأ العقل في فتح ملفات ذهنية لهذا المعنى.
وكلما أدرك الطفل معنى آخر للغة يتكون عنده ملف خاص بهذا المعنى.
وكل ملف خاص بإدراك ومعني محدد، فكلما قابل الطفل تجربة من نفس المعنى يخزنها العقل في نفس الملف الخاص بها.
فمثلا لو كان هناك ملف للحب فكلما وجد الطفل أي شيء فيه معنی الحب يخزنه العقل في ملف الحب.
ولو كان هناك ملف للغضب يخزن العقل أية تجربة غضب تمر على حياة الطفل في هذا الملف.
ويستمر العقل في فتح الملفات
وتخزين كل التجارب المماثلة لكل معنى في الملف الخاص بهذا المعنى. فيتكون ملف للحنان، وملف للتسامح، وملف للراحة، وملف للعصبية، وآخر للخوف أو القلق أو الإحباط أو التوتر أو الوحدة أو الضياع.
وأيضا ملفات التقدير الذاتي والصورة الذاتية والثقة بالنفس والاستحقاق والفشل والنجاح والسعادة والصبر والالتزام.. إلخ من ملفات العقل.
فتتكون عند الإنسان ملفات عقله بها الإدراك والمعنى واللغة والقيم والاعتقادات والمبادىء.
وكلما واجه الإنسان في رحلة حياته تجربة من التجارب، فإن المخ يتعرف عليها من الملفات الموجودة به فيخزن المعلومة الجديدة في نفس المكان.
لذلك لو شعر الإنسان مثلا بالخوف من شيء ما، يفتح له العقل ملفا للخوف من هذا الشيء، وكلما واجه الشخص هذا الخوف سواء بالتفكير فيه أو بوجوده أمامه مباشرة تتصاعد الأحاسيس ويتراكم الخوف في ملف الخوف.
فإذا أراد الشخص التخلص من هذا الخوف وبدأ فعلا في العلاج بالتزام تام واستطاع التخلص منه فهنا تأتي المفاجأة.. أنه تخلص من الملف بأكمله لأنه من نفس النوع.
لذلك نرى أن الشخص الذي يبحث عن العلاج من أي شيء، سواء كان ذلك قلقا أو توتراً أو خوفا أو شعور بالوحدة والضياع… إلخ.
يخرج للعالم الخارجي ليجد الحل في شيء موجود عنده هو في داخله.
فيأخذ الأدوية الكيماوية التي قد تساعد في العلاج ولكن لن تغير هذه الحبوب أو الأدوية الملفات المخزنة بعمق في العقل الباطن.
كيف تغير حياتك
السيد حسين نجيب
دار العلوم