يغتر بما ابتلاه الله به من الصحة والعافية والشباب، حتى ينسى أن مآل ذلك إلى دود الأرض.
خاصة إذا صاحب هذه الصحة لون من ألوان الملك والرئاسة.
وقد لاحظ التابعي الجليل زر بن حبيش، في الخليفة غفلة عن الآخرة .
رجحها أن تكون بسبب صحته وشبابه، فأراد أن يزيل هذا العائق من أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان.
فكتب له كتابة جاء في آخره، ولا يطمعنك يا أمير المؤمنين في طول الحياة ما يظهر من صحة بدنك فأنت أعلم بنفسك، واذكر ماتكلم به الأولون.
إذا الرجال ولدت أولادها وبليت من كبر أجسادها
وجعلت أسقامها تعتادها فذلك زروع قد دنا حصــــادها
فلما قرأ الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه، ثم قال:
صدق زر ولو كتب إلينا بغير هذا كان أرفق، لقد أصاب السهم مقتل.
ووفق زر في تحديد الداء الذي أصاب الخليفة بعد أن ذكر ثلاث علامات لدنو الموت:
رؤية الأحفاد، وترهل الجسد من الكبر، ومعاودة الأمراض، مهما صاحب ذلك من الصحة فهي زروع يانعة مخضرة ناضجة قرب وقت قطافها.
واحات الإيمان
عبدالحميد البلالي
المجموعة الأولى
دار الدعوة