رجلاً يقال له: عبدالله بن فلانة أو عبدالله بن قلابة خرج في طلب إبل له قد شردت. وأثناء بحثه عن الإبل وقع على مدينة عظيمة عليها حصن، وحول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال.
فلما دنا منها ظن أنّ فيها من يسأله عن إبله، فلم ير داخلاً ولا خارجاً. فنزل عن ناقته وعقلها وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن. فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدّنيا أعظم منهما ولا أطول، وإذا خشبهما من أطيب خشب عود، وعليهما نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر، ضوئهما قد ملأ المكان.
فتح أحد البابين فدخل، وإذا هو بقصور كل قصر معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت، وفوق كلّ قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضّة والياقوت واللّؤلؤ والزّبرجد، وعلى كلّ باب من أبواب تلك القصور مصراع مثل مصراع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه الياقوت وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران .
ثمّ نظر إلى الأزقة ، فإذا في كلّ زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجري. فحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها، لأنه كان مثبتاً في أبوابها وجدرانها، فأخذ ما أراد وخرج إلى اليمن.
فأظهر ما كان منه، وأعلم النّاس أمره، وفشا خبره وبلغ معاوية، فأرسل رسولاً إلى صاحب صنعاء، وكتب بإشخاصه فشخص حتى قدم على معاوية وخلا به وسأله عمّا عاين ، فقصّ عليه أمر المدينة وما رآى فيها ، وعرض عليه ما حمله منها .
فبعث معاوية إلى كعب الاحبار ودعاه، وقال : يا ابا إسحاق هل بلغك أنّ في الدّنيا مدينة مبنيّة بالذّهب والفضة؟
فقال كعب الأحبار: أما هذه المدينة، فصاحبها شداد بن عاد الّذي بناها ، فهي إرم ذات العماد وهي الّتي وصفها الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وآله.
قال معاوية: حدثنا بحديثها.
فقال: إن عاد الاولى، وليس بعاد قوم هود ـ كان له إبنان يسمّى أحدهما « شديد » والآخر « شداد» فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبّرا، وأطاعهما النّاس في الشّرق والغرب ، فمات شديد وبقي شدّاد ، فملك وحده ولم ينازعه أحد.
وكان شداد مولعاً بقراءة الكتب وكان كلّما يذكر الجنّة رغب أن يفعل مثلها في الدّنيا عتوّاً على الله تعالى.
فجعل على صنعتها مائة رجل تحت كلّ واحد منهم ألف من الأعوان.
فقال: انطلقوا إلى أطيب فلاة من الأرض وأوسعها فاعملوا لي مدينة من ذهب وفضّة وياقوت وزبرجد واصنعوا تحت المدينة أعمدة من ياقوت وزبرجد.
فقالوا: كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذّهب والفضّة حتّى يمكننا أن نبني مدينة كما وصفت؟
قال شداد: أما تعلمون أن ملك الدّنيا بيدي؟
قالوا: بلى.
قال: فانطلقوا إلى كلّ معدن من معادن الجواهر والذهب والفضّة ، فوكّلوا عليها جماعة حتّى يجمعوا ما تحتاجون إليه، وخذوا جميع ما في أيدي الناس من الذّهب والفضّة ، فكتبوا إلى كلّ ملك في المشرق والمغرب، فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين ، فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاثمائة سنة .
فلمّا أتوه وأخبروه بفراغهم منها، قال: انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر، لكلّ قصر ألف علم، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي، فرجعوا وأعملوا ذلك كلّه .
ثم أتوه فأخبروه بالفراغ مما أمرهم به، فأمر الناس بالتّجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا إلى جهازهم إليها عشر سنين، ثمّ سار الملك شداد يريد إرم ذات العماد، فلمّا كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة، بعث الله جلّ جلاله عليه وعلى من معه صيحة من السّماء فأهلكتهم جميعاً، وما دخل هو إرم ولا أحد ممن كان معه.
هذا ما ذكره التاريخ، ولكن في القران وصف المدينة بالخلق وهو الايجاد من العدم وبعض التفاسير يشرح الخلق بالإنشاء.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} [الفجر]
القصة غير صحيحة لتوفر الياقوت والزعفران والأشجار المثمرة … الخ في كل زمان ومكان وهذا لا يميز إرم ذات العماد والله سبحانه وتعالى يقول لم يخلق مثلها في البلاد. المعروف ان الخلق يكون للخلائق وليس للمدن، فما حقيقة هذه المدينة.