أنا صاحبك الذي سرقك

كتب الشاعر والكاتب الباكستاني مرزا أديب في كتابه “المصباح” :

ذهبت إلى دلهي في الستينات للعمل وفي أحد الأيام نزلتُ من الحافلة ؛ ثم فتشتُ جيوبي لأتفاجأ بأن أحدهم قد سرقني ، وما كان في جيبي حين نُهبت سوى تسع روبيات ورسالة في ظرف كنت قد كتبتها إلى أمي:

 ” أمِّي الحنون”

فُصلتُ من عملي ، لا أستطيعُ أن أرسل لك هذا الشهر مبلغ الخمسين روبية المعتاد.

كنت قد وضعت رسالتي هذه في جيبي منذ ثلاثة أيام على أمل أن أرسلها في وقت لاحق بما يتوفر من روبيات ، وبالرغم من أن الروبيات التسع التي سرقت لا تساوي شيئاً ؛ لكن الذي فصل من عمله ؛ وسُرق ماله تساوي في نظره 9000 روبية.

مضت أيام وصلتني رسالة من أمي توجست خوفاً، وقلت في نفسي:

لا بد أنها طلبت المبلغ الذي اعتدت إرساله إليها ، لكني عندما قرأت الرسالة احترت كونها تحمل شكرها ودعواتها لي، قائلة:

وصلتني منك 50 روبية عبر حوالتك المالية، كم أنت رائع يا بني، ترسل لي المبلغ في وقته ولا تتأخر بتاتاً، رغم إنهم فصلوك من عملك، أدعو لك بالتوفيق وسعة الرزق.

وقد عشت متردداً محتاراً لأيام، مَنْ يا ترى الذي أرسل هذا المبلغ إلى أمي؟

وبعد أيام وصلتني رسالة أخرى بخط يد بالكاد يُقرأ ، كتب فيها صاحبها :

حصلت على عنوانك من ظرف الرسالة ، وقد أضفتُ إلى روبياتك التسعة ، إحدى وأربعين روبية كنت قد جمعتها سابقاً ، وأرسلتها حوالة مالية إلى أمك حسب العنوان الذي في رسالتك.

 وبصراحة فإني قد فكرت في أمي وأمك ، فقلت في نفسي:

لماذا تبيت أمك أيامها طاوية على الجوع وأتحمل ذنبك وذنبها؟

تحياتي لك ، أنا صاحبك الذي سرقك في الحافلة فسامحني.

أحيانا قد نصادف لصوصا أشرف بكثير من أولئك الذين يرفعون شعارات في حقيقتها وهمية إن لم تكن مزيفة.

Comments are closed.