أروع ما قيل في غزل المرأة
والباحث المدقق للشعراء العرب يجد أنهم شغفوا بالمرأة وهاموا بها، وكل رأى فيها حسناً لا يضاهى، لذا لا نعجب إذا وجدناهم تغزلوا في كل جزء من أجزائها من مفرق شعرها حتى أخمص قدمها
تغزلوا في الشعر والحاجب والسوالف والخد والخال والثغر والنحر والنهد والخصر والردف والساق والقوام وجمال الطلعة والقبلة، ولم يتركوا شيئاً في المرأة إلا تغزلوا فيه
يقول بكر بن النطاح في الشعر
بيضاء تسحب من قيام شعرها وتغيب فيه وهو وجه أسحمُ
فكأنـــها فيه نهــار ســـاطعٌ وكــــأنه لـــيل عليـــها مظــلمُ
وقال المتنبي
نشرت ثلاث ذوائب من شعرها في ليلـة فأرت ليالي أربعــا
واستقبلت قمر السماء بوجهها فأرتني القمرين في وقت معا
وقال أبو فراس الحمداني في مدح السوالف
يا من يلوم على هواها جهالةً انظر إلى تلك السوالف تعذزِ
حسنت وطاب نسيمها فكأنها مسك تسـاقط فوق خد أحمـــرِ
وقال آخر
ومهفهف راقت نضارة وجهه والعين تنظر منه أحسن منظرِ
أصــلى بنــار الخد عنبر خاله فبدا العذار دخـان ذاك العــنبرِ
وقال خالد الكاتب في الجبين والحواجب
لها من ضباء الرمل عين مريضة ومن ناظر الريحان خضرة حاجبِ
ومن يانع الأغصــان قد وقــامة ومن حــالك الحــبر اسوداد الــذوائبِ
وقال أبو فراس في العيون
وبيض بألــحاظ العيون كأنما هززن سيوفاً واستللن خناجــرا
تصدين لي يوماً بمنعرج اللوى فغادرن قلبي بالتصبر غادرا
وقال بشار بن البرد
أن الــعيون التي في طــرفها حـــور قتلتنا ثم لــم يــحيين قتلانــا
يصر عن ذا اللب حتى لا حراك له وهن أضعف خلق الله إنسانا
ولابن الصائغ في الخال
بروحي أفدي خــاله فوق خــده ومن أنــا في الــدنيا فأفديه بالمالِ
تبارك من أخلى من الشعر خده وأسكن كل الحسن في ذلك الخالِ
ومما قيل في الخدود
ورد الخدود ونرجس اللحظات وتصافح الشفتين في الخلواتِ
شــيء أســرُّ بــه وأعــلم أنــه وحياتــــه أحــلى مـن اللـــذاتِ
وقال ابن المعتز
صل بخدي خديك تلقَ عجيباً من معان يحار فيها الضميرُ
فبخــــديك للــــربيع ريـــاض وبخــديَّ للدمــوع غـــــديرُ
وممل قيل في الثغور قال عنترة
ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فـــوددت تقبيــل السيوف لأنها لمعت كبارق ثـغرك المتبســم
ومما قيل في رقة البشرة
توهمــه قلبي فأصبح خــده وفيه مكان الوهم من نظري أثرْ
ومر بفكري جسمه فجرحته ولم أر جسماً قط تجرحه الفكرْ
ومما قيل في التقبيل لمظفر الأعمى
قبلته فتلــظى جمر وجنته وفــاح من عارضـيه العنبر العبقُ
وجال بينهما ماء ولا عجب لا ينطفي ذا و لا ذا منه يحترقُ
منقول من كتاب الكشكول المسلي لمحسن عقيل